محمد مهدی الجواهری (1900-1997) من الشعراء الملتزمین الذین أخرجوا الشعر الکلاسیکی العربی من قوبعة الأغراض التقلیدیة لاسیّما الإطراء والثناء، ووظّفوه للقضایا الوطنیة والإنسانیة. شاعرنا الجواهری متمیّز حقّاً فی إنتاج هذا اللون من الشعر الملتزم، إذ إنّ هذا الاتّجاه انعکس تماماً فی نتاجه الشعری أغراضاً وأسالیب وصوراً، حیث إنّ من دأب الشاعر أن یصف الشعر والشعراء عادةً بالنور والشمس والنجوم ونحوها وکذا بالنار والشواظ والجمرة وما یماثلها. لذا ننوی أن نعالج فی هذا المقال أسلوب الشاعر فی توظیف الصور التی یصف بها الشعر والشعراء. وهذه الصور تجمعها میزة فریدة وهی أنّ وجه الشبه أو الجامع فیها هو النور أو النار أو ما یقارب هاتین المفردتین. یبدو أنّ الشّاعر إذا استعمل لفظة النّور أراد أن یؤکد على أنّ الشّعر یجب أن یکون صحیفة الهدایة ووسیلة التّثقیف لأبناء المجتمع، وکذا أنّه إذا استعمل لفظة النّار قصد بها أنّ الشّعر یجب أن یحرق کیان الطّغاة والظّالمین. وهذا الأمر ینمّ طبعاً عن شدّة إیمان الشاعر برسالیة الشعر ویؤکد کذلک على صدقه الفنّی.