یعتبر توظیف الرمز فی القصیدة الحدیثة، کما یقال، سمة مشترکة بین غالبیة الشعراء على مستویات متفاوتة من حیث الرمز البسیط إلى الأعمق. وهکذا ومع أن الرمز أو الترمیز فی الأدب بعامة سمة أسلوبیة وأحد العناصر النص الأدبی الجوهریة منذ القدم، إلا أننا نراه قد تنوع وتعمق وسیطر على لغة القصیدة الحدیثة وتراکیبها وصورها وبنیاتها المختلفة. وفی هذا المسار سجلّت تقنیة الرمز حضوراًً لافتاً وفاعلاً فی أشعار شعراء فلسطین عامة وشعر "لطفی زغلول" خاصةً؛ لما فیه من قدرة على توجیه الأفکار وتعمیق الرؤیة الفنیة وإثراء النص وتخصیبه، فحملت بُعداً تعبیریاً من أبعاد تجربته فی نضاله ضد المحتل الصهیونی. فالقراءة الهادئة والواعیة فی تجربة "لطفی زغلول" الشعریة والمتمثلة حتى الآن بعشرة مجموعات شعریة، تکشف لنا بوضوح تام عمق ومصداقیة هذه التجربة، کما تدلنا على معاناة شاعر ریفی، منذ بدایاته الأولى، بهموم شعبه وبقضایا أمته إلى حد یبدو معه، وکأنه شاعر منذور لترجمة تلک الهموم والقضایا. فهذا البحث عبر المنهج التوصیفی التحلیلی بصدد الإجابة والتفاعل مع السؤالین المطروحین:
أولاً: ما هو الرمز وما مدى فاعلیته فی النص الشعری الفلسطینی؟ ثانیاً: ما هی الرموز المستدعاة فی النص الشعری "الزغلولی" وما مدى تأثیرها فی تولید الدلالات الإیحائیة التی تخدم القضیة الفلسطینیة؟