لقد حظی القرآن الکریم ورموزه بأهمیة بالغة لدى الکثیر من الشعراء المعاصرین وقد تواصل الشعراء بأشکال مختلفة مع الشخصیات القرآنیة باعتبارها رافداً ثرّاً ومصدراً فنیاً تساهم بشکل کبیر فی إغناء القصیدة الشعریة وتخصیبها وتعمیق دلالاتها کما أن استثمار الرموز الدینیة وقصصها وإسقاطاتها فی النص الشعری یزید من جمالیته وإشراقه. فغدا استدعاء الشخصیات القرآنیة فی الشعر الفلسطینی المعاصر لاسیما "شعراء الشتات" أمراً یثری المضمون الشعری ویدحض عنه الخطابیة والغنائیة البحتة. فطبیعة الصراع بین الشعب الفلسطینی والعدوّ الإسرائیلی جعل الرموز المستدعاة تکاد تدور حول موضوعات بعینیها ترتبط وتتعلق بذلک الصراع، ولها تأثیر مباشر على حیاة ومصیر الشعب الفلسطینی. وعلى هذا الأساس اهتم شعراء الشتات بتوظیف شخصیات الأنبیاء وعلى رأسها شخصیة المسیح 7 لما لها من أبعاد دلالیة تمتلکها الحافظة الإنسانیة من تقدیر وإجلال آخذة شرعیتها الدلالیة من وجهتی النظر الدینیة والإنسانیة. فهذا الأمر حدا بالشاعر الفلسطینی على تطویر البنیة الدلالیة لرمز المستدعاة وفق رؤیته المعاصرة، تمهیداً للتعبیر عن أفکاره وقضایاه الوطنیة المعاصرة.هذا المقال وفقا للمنهج الوصفی- التحلیلی یرمی لبیان أهمیة الرمز الدینی ومدى أثره على التجربة الشعریة، کما یعالج الدلالات الولیدة من الرمز المستدعاة (المسیح) وبیان أثرها وفاعلیتها على المتلقی. وقد توصلت هذه الدراسة إلى أنّ توظیف واستثمار شخصیة المسیح والرموز المسیحیة تعکس الترابط والمعادلة الموضوعیة بین (الفلسطینی المعاصر المضطهد وشخصیة المسیح الفدائیة) وقد تساهم فی ایصال القضیة الفلسطینیة للعالم المسیحی واستمالة العون منه.