إن العلاقة بین الروایة والتاریخ وطیدة حیث عکست الروایة المعاصرة الحوادث التاریخیة ضمن مواطنها السردیة وتبلورت الأحداث والثورات والحروب التی تحتشد فی عصرنا الراهن فی الروایات ومنها الروایة العربیة التی لها حظ وافر من المادة التاریخیة، فمن ثم یسمیها بعض النقاد المعاصرین ــ منهم جابر عصفور ــ دیوان العرب باعتبارها جنسا أدبیا راقیا یحفظ تاریخ العرب ویتعامل مع التیارات الاجتماعیة والسیاسیة. إذا استقى التاریخ والروایة من منهل واحد فما هو الفرق بینهما؟ هذا السؤال یتردد فی الکتب النقدیة والأوساط الأدبیة عن الروایة، هذا الجنس الأدبی الحدیث! ویحمل النقاد أنفسهم على الإجابة عنه وتبیین أطره ومحاور الفرق بینهما. إن هذه الدراسة بالاعتماد على المنهج الوصفی التحلیلی أخذت روایة «عبث الأقدار» لنجیب محفوظ نموذجا لتبیّن من خلالها أهم مواطن الائتلاف والاختلاف بین الروایة التاریخیة والتاریخ وتوضّح مفهوم التاریخ فی النص الروائی ووظیفته فیه. توصلت الدراسة إلى أن التاریخ فی الروایة یتحول إلى جنس أدبی ویتغیر مساره ویخرج من مفهومه الحقیقی إلى وسیلة أو وعاء للإجابة عن السؤال الذی یرید الروائی أن یجد جوابا له فی الروایة ولیس هدفا، کما هو الحال فی الأدب التاریخی المحفوظی.