إنّ المتأمّل فی الترجمات القرآنیة قد یلاحظ فروقاً عدیدة واختلافات شتّى بین أصحاب الترجمة وتظهر أمامه بعض المعانی مبتعدة عن بعضها تمام البعد حتى یثیر ارتباکه ودهشته. تعتبر ظاهرة «الحذف» إلى جانب بعض الظواهر القرآنیة کالتعابیر الأدبیة المجازیة، وتعددیة القراءات، والوجوه الإعرابیة المتعددة، من الأسباب الرئیسیة التی تتمخّض عنها اختلافات فی النقل والتباین فی الفحوى. فهناک آیات کثیرة کان الاختلاف فیها یرجع إلى التقدیرات المتعددة بینما لا یتوافر هذا التباین للآیات ذات التراکیب اللغویة التامة؛ لأنّ حدود المعنى فیها محدودة وذلک لتقیّدها بالألفاظ الدالة علیها. إن الحذف البلاغی بأنماطه المختلفة یفتح الباب واسعاً أمام قراءات متعددة ویؤدّی إلى اتساع مجالات المعنى القرآنی. من هذا المنطلق تحاول هذه الدراسة المتواضعة أن تلقی الضوء على الفجوات الناتجة عن «الحذف» وکیفیة تعامل المترجمین معها لنقل المقاصد القرآنیة. ومما توصّلت إلیه دراستنا المتواضعة التی انتهجت المنهج الوصفی التحلیلی أن اختلاف المترجمین فی نقل العناصر المغیبة فی الآیات تتجذّر فی مواطن المحذوف ودقائقه الدلالیة، وکیفیة ذکر المقدّر والرؤى التفسیریة المختلفة والوجوه الإعرابیة المتعددة.