قضیة الهویة من الإشکالات الحدیثة التی تُکتسَب أهمیّتها المتزایدة، وتساهم بشکل حاسم فی صوغ الوحدة الوطنیة. فهی منظومة من المعطیات المادیة، والمعنویة التی یعیشها الأفراد، والمجتمعات. ومع أنّ الدینامیة التنمویة التی یشهدها العالم؛ تطرح تحدّیات منوّعة أمام المجتمع البشری، فإعادة تعریف الهویة بما یتلاءم مع هذه التطوّرات، هی الحاجة الماسّة للثقافة المعاصرة. أمّا الروایة فلم تَغِب عن هذا الفضاء المتنامی، فأدّت دوراً محوریّاً فی مجال رصد الأحداث الیومیّة ومتغیّراتها. فالواقعیة السحریة، أسلوب روائیّ بدیع یحمل مشروعاً اجتماعیاً سیاسیاً ثقافیاً جوهرُه الاسترجاع إلى الذات والتأکید على الهویة. هذا وأنّ الهویة تشکل المحور المرکزی فی روایة «حارث المیاه» لهدى برکات، بصفتها من أبرز کتّاب الواقعیة السحریة فی الروایة اللبنانیة المعاصرة. وتسعى هذه الدراسة، وفق منهج وصفی- تحلیلی، إلى أن تکشف عن أهمّیة تیمة الهویة ودورها الفاعل فی بنیة العمل السردی، کما ترمی إلى تحدید ملامح الهویة وتحدّیاتها من الاستلاب والاسترداد وتبیین العلاقة بینها وبین القضایا المصیریة المحیطة بشخصیة البطل فی هذا الروایة. ینتهی البحث إلى أنّ استلاب هویة البطل فی روایة حارث المیاه هو نتاج لعوامل متشابکة منها ما یتعلّق بعدمیة البطل أمام الصیرورة الزمنیة، وانعدامیة الإحساس بالفضاء المکانی، والضیاع الذاتی والخوف الهستیری فی خضمّ الحروب. فالشخصیة الرئیسة فی هذه الروایة، التی تصل إلى حافّة الانهیار والسقوط إثر الدمارات الروحیة فی دوامة الحروب الأهلیة، تسعى لاقتراح معنى جدید لهویتها، فهی تربط وتنسج الماضی مع الحاضر، باستعانة الذاکرة واللاشعور الجمعی، وتبحث عن أصالتها المفقودة فی دهالیز تأریخ لبنان.
حماد، حسن (2005م). الإنسان المغترب عند إریک فروم. القاهرة: مکتبة دار الکلمة.
حمدانی، حمید (1991م). بنیة النص السردی (من منظور النقد الأدبی). بیروت: المرکز الثقافی العربی للطباعة والنشر والتوزیع.
الرمادی، أبو المعاطی خیری (2014م). «صراعات إثبات الهویة فی الخطاب الروائی السعودی المعاصر: صراعات المرأة الوافدة فی (البحریات) نموذجاً». مجلة جامعة القدس، العدد 33، صص43-76.
شاهین، سمیر الحاج (1980م) لحظة أبدیة، دراسة فی الزمان فی أدب القرن العشرین. بیروت: المؤسسة العربیّة للدرسات والنشر.
سعدی، محمّد (2010م). «الهویة... من الوحدة إلى التعدّد». آفاق المستقبل، العدد 7، صص81-85.