لفن الحوار النصیب الأوفر من بین أسالیب القرآن الکلامیة التی لا تکاد تنتهی إلى حد. ویُعد الحوار القرآنی طریقة خاصة، یَطَّلع من خلالها المتلقی على مختلف المواقف الفکریة للأمم الماضیة، کما یَطَّلع على مجمل التوجهات العقدیة لتکلم الأمم؛ فضلاً عن ذلک فإنّ الحوار فی القرآن یُوظَّف أیضا لأغراض إقناعیة تتم بوسائط وإمکانات متنوعة، حسب ما تتطلبه الظروف والأجواء، وهذه الوظیفة الأخیرة هی ما نرید استجلاء جوانبها الفنیة البدیعة، وذلک ضمن مجموعتین متعالقتین من الآیات، حیث تتناول المجموعة الأولى موقف "مؤمن آل فرعون" من سراة قومه، محاولاً إقناعهم بفساد توجههم العقدیة وهشاشة نظرتهم نحو الواقع وذلک من خلال أسلوب قولی متماسک یتمثل فی مناهج منطقیة وعاطفیة وتاریخیة؛ کما تصوّر المجموعة الثانیة من الحوارات، الحالة المزریة المقیتة التی یعیشونها فی نار جهنم، ویتم هذا التصویر بلغة إنشائیة وخبریة تجنح إلى معان عدولیة (ثانویة).