إن الأسلوبیة بوصفها منهجا نقدیا، تعنی بدراسة النصوص الأدبیة من خلال النص ذاته ومهمتها الأساسیة هی الترکیز على العناصر الداخلیة للعمل الفنی، من هنا یحاول هذا البحث أن یعالج الظواهر الأسلوبیة بالمنهج الوصفی- التحلیلی فی قصیدة "الکأس والهموم" للشاعر أبی نواس (762-813 م). إنّ الأسلوبیة فی إجراءاتها النقدیة لابدّ من اتباع مستویات لدراسة النص فأولها المستوى الصوتی وفیه تبین لنا بأنّ الشاعر استعان ببحر البسیط التام "مُستَفعِلُن فاعِلُن" لرقتها وجزالتها. تمیّزت قافیة القصیدة ــ وهی مردوفة موصولة بلین ــ بأصوات (ألف، والسین والیاء) المهموسة التی هی أکثر الأصوات مناسبة لغرض الوصف والتغنّی به. فی المستوى المعجمی تبین أنّ الشاعر جاء بالکلمات التی تلائم مع الظواهر الثلاث: الخمرة، والمتنادمین والساقی، کما استعان ببعض من المفردات القرآنیة والشخصیات التاریخیة فی تقویة المعانی المتعلقة بالخمر والساقی وفی المستوى الدلالی استخدم ظاهرة التشخیص للکشف عن مکنون خلجات نفسه. أما فی المستوى النحوی فقد انصب الاهتمام بدراسة عدد من الظواهر اللغویة التی بدت مخالفة للمقیس من کلام العرب للکشف عن حقیقة هذه الظواهر منها: التقدیم والتأخیر، والحذف، والالتفات. المستوى الفکری فی هذه القصیدة ینبنی على قداسة الخمرة فالخمر عنده تقود صاحبها فضلا عن المتعة إلى النشوة الدینیة.